قبل قراءة المجموعة “احتراقات” كنت أتابع بعض القصص القصيرة جداً التي تنشرها الكاتبة عبر صفحتها في الفيسبوك، والتي كانت في حدّتها وتركّيزها كالرصاصة التي تُطلق إلى الهدف فتصيبه تماماً، لذلك كنت متأكدة قبل أن أباشر بقراءة المجموعة أنّها مجموعة متميزة لا نظير لها.
أخبرتني الكاتبة بأنّ الكثير من القصص في المجموعة قد فازت بمسابقات ثقافية مختلفة، وحقيقةً أرى أنه يجب أن تظل المجوعة تتوّج بالفوز باستمرار سنة بعد سنة، فالمجموعة تحفة فنية؛ فسيفساء احتوت قطع فنية صغيرة متعددة الألوان والأشكال، جُمعت في كتاب واحد، فأصبح كتاباً متفرداً بهياً لا نظير له، وأتوقع أنّ كل من يعيد قراءة المجموعة سيخوض تجربة جديدة في كل مرة يقرأها، وكأنّما يقرأها للمرة الأولى، ولن يمل اطلاقاً.
أحببت في المجوعة تعدد الرواة داخل القصص، فتارةً نجد القصة على لسان نص وتارةً أخرى على لسان ميّت.
من أكثر القصص التي نالت إعجابي قصة جنون، وهي حقاً قصة مجنونة كما يشير اسمها، أعدتُ قراءتها مراراً تلذذاً بها، كذلك قصة انسلاخ؛ قصة عميقة جداً، ومؤلمة، كتبتها الكاتبة بأسلوب رشيق جمع خفة قلمها مع ثقل الألم في مكان واحد، هناك أيضاً قصة عون تلقيت داخلها صدمة رهيبة جداً، أمّا قصة ندوب، فقد وجدتُ بداخلها قصة طويلة جداً حُكيت في كلمات قليلة جداً مليئة بالألم والقهر، ولم تنسَ الكاتبة أن تبهجنا بأسلوبها المتفرّد واختارت أن تكون تلك البهجة في قصة عنونتها بـ “فلك”، وبشكل عام عناوين القصص كان عمل ابداعي بحدّ ذاته..
فخورة جداً وسعيدة بأن تصدر كاتبة يمنية عمل بهذا الإبداع، وأتوقّع أن نرى من الكاتبة أعمال أخرى في غاية الجمال، واضح أنّ نوعها الأدبي سيكون مختلف في المرّات القادمة وهو ما ألمحتْ إليه الكاتبة في آخر الكتاب بأسلوب بديع جداً قائلة:
“أكتبُ على خاصرة الحرب، فإن كُنتم تقرؤونني الآن أنا ق. ق. ج. مفخخة وإن أضعتني يوماً فستجدني قد انفجرتُ على شكل قصيدة.. وربما رواية”.